[3]
ومن خطبة له عليه السلام
المعروفة بالشِّقْشِقِيَّة وتشتمل على الشكوى من أمر الخلافة
ثم ترجيح صبره عنها ثم مبايعة الناس له
أَمَا وَالله لَقَدْ تَقَمَّصَها (1) فُلانٌ، وَإِنَّهُ لَيَعْلَمُ أَنَّ مَحَلِّيَ مِنهَا مَحَلُّ القُطْبِ مِنَ الرَّحَا، يَنْحَدِرُ عَنِّي السَّيْلُ، وَلا يَرْقَى إِلَيَّ الطَّيْرُ، فَسَدَلْتُ (2) دُونَهَا ثَوْباً، وَطَوَيْتُ عَنْهَا كَشْحاً (3) وَطَفِقْتُ أَرْتَئِي بَيْنَ أَنْ أَصُولَ بِيَدٍ جَذَّاءَ (4) أَوْ أَصْبِرَ عَلَى طَخْيَةٍ (5) عَمْيَاءَ، يَهْرَمُ فيهَا الكَبيرُ، وَيَشِيبُ فِيهَا الصَّغِيرُ، وَيَكْدَحُ فِيهَا مُؤْمِنٌ حَتَّى يَلْقَى رَبَّهُ.
[ترجيح الصبر]
فَرَأَيْتُ أَنَّ الصَّبْرَ عَلَى هَاتَا أَحْجَى (6) فَصَبَرتُ وَفي الْعَيْنِ قَذىً، وَفي الحَلْقِ شَجاً (7) أرى تُرَاثي (8) نَهْباً، حَتَّى مَضَى الاََْوَّلُ لِسَبِيلِهِ، فَأَدْلَى بِهَا (9) إِلَى فلانٍ بَعْدَهُ.
ثم تمثل بقول الاَعشى:
فَيَا عَجَباً!! بَيْنَا هُوَ يَسْتَقِيلُها (11) في حَيَاتِهِ إِذْ عَقَدَهَا لآخَرَ بَعْدَ وَفَاتِهِ ـ لَشَدَّ مَا تَشَطَّرَا ضَرْعَيْهَا (12) ـ فَصَيَّرَهَا في حَوْزَةٍ خَشْنَاءَ، يَغْلُظُ كَلْمُهَا (13) وَيَخْشُنُ مَسُّهَا، وَيَكْثُرُ العِثَارُ (14) [فيها،] وَالاْعْتَذَارُ مِنْهَا، فَصَاحِبُهَا كَرَاكِبِ الصَّعْبَةِ (15) إِنْ أشْنَقَ (16) لَهَا خَرَمَ (17) وَإِنْ أَسْلَسَ (18) لَهَا تَقَحَّمَ (19) فَمُنِيَ النَّاسُ (20) ـ لَعَمْرُ اللهِ ـ بِخَبْطٍ (21) وَشِمَاسٍ (22) وَتَلَوُّنٍ وَاعْتِرَاضٍ (23) فَصَبَرْتُ عَلَى طُولِ الْمُدَّةِ، وَشِدَّةِ الِْمحْنَةِ، حَتَّى إِذا مَضَى لِسَبِيلِهِ جَعَلَهَا في جَمَاعَةٍ زَعَمَ أَنَّي أَحَدُهُمْ. فَيَاللهِ وَلِلشُّورَى (24) مَتَى اعْتَرَضَ الرَّيْبُ فِيَّ مَعَ الاََْوَّلِ مِنْهُمْ، حَتَّى صِرْتُ أُقْرَنُ إِلَى هذِهِ النَّظَائِرِ (25) لكِنِّي أَسفَفْتُ (26) ْ
إِذأَسَفُّوا، وَطِرْتُ إِذْ طَارُوا، فَصَغَا (27) رَجُلُ مِنْهُمْ لِضِغْنِه (28) وَمَالَ الاَْخَرُ لِصِهْرهِ، مَعَ هَنٍ وَهَنٍ (29) إِلَى أَنْ قَامَ ثَالِثُ القَوْمِ، نَافِجَاً حِضْنَيْهِ (30) بَيْنَ نَثِيلهِ (31) وَمُعْتَلَفِهِ (32) وَقَامَ مَعَهُ بَنُو أَبِيهِ يَخْضَمُونَ(33) مَالَ اللهِ خَضْمَ الاِِْبِل نِبْتَةَ (34) الرَّبِيعِ، إِلَى أَنِ انْتَكَثَ عَلَيْهِ فَتْلُهُ (35) وَأَجْهَزَ عَلَيْهِ عَمَلُهُ (36) وَكَبَتْ (37) بِهِ بِطْنَتُهُ (38)
[مبايعة علي عليه السلام ]
فَمَا رَاعَنِي إلاَّ وَالنَّاسُ إليَّ كَعُرْفِ الضَّبُعِ (39) يَنْثَالُونَ (40) عَلَيَّ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، حَتَّى لَقَدْ وُطِىءَ الحَسَنَانِ، وَشُقَّ عِطْفَايَ (41) مُجْتَمِعِينَ حَوْلي
كَرَبِيضَةِ الغَنَمِ (42) فَلَمَّا نَهَضْتُ بِالاََْمْرِ نَكَثَتْ طَائِفَةٌ (43) َمَرَقَتْ أُخْرَى (44) وَفَسَقَ وقسطج آخَرُون(45) عس كَأَنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوااللهَ سُبْحَانَهُ يَقُولُ: (تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَاِللَّذِينَ لاَ يُريدُونَ عُلُوّاً في الاََرْضِ وَلاَ فَسَاداً وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) بَلَى! وَاللهِ لَقَدْ سَمِعُوهَا وَوَعَوْهَا، وَلكِنَّهُمْ حَلِيَتَ الدُّنْيَا (46) في أَعْيُنِهمْ، وَرَاقَهُمْ زِبْرِجُهَا (47) أَمَا وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ، وَبَرَأَ النَّسَمَةَ (48) لَوْلاَ حُضُورُ الْحَاضِرِ (49) وَقِيَامُ الْحُجَّةِ بِوُجُودِ النَّاصِرِ (50) وَمَا أَخَذَ اللهُ عَلَى العُلَمَاءِ أَلاَّ يُقَارُّوا (51) عَلَى كِظَّةِ (52) ظَالِمٍ، وَلا سَغَبِ (53) مَظْلُومٍ، لاَََلقَيْتُ حَبْلَهَا عَلَى غَارِبِهَا (54) وَلَسَقَيْتُ آخِرَهَا بِكَأْسِ أَوَّلِها، وَلاَََلفَيْتُمْ دُنْيَاكُمْ هذِهِ أَزْهَدَ عِنْدِي مِنْ عَفْطَةِ عَنْزٍ (55)
قالوا: وقام إِليه رجل من أهل السواد (56) عند بلوغه إلى هذا الموضع من خطبته، فناوله كتاباً، فأقبل ينظر فيه، فلمّا فرغ من قراءته قال له ابن عباس: يا أميرالمؤمنين، لو اطَّرَدت مَقالتكَ (57) من حيث أَفضيتَ (58) فَقَالَ عليه السلام : هَيْهَاتَ يَابْنَ عَبَّاسٍ! تِلْكَ شِقْشِقَةٌ (59) هَدَرَتْ (60) ثُمَّ قَرَّتْ (61) قال ابن عباس: فوالله ما أَسفت على كلامٍ قطّ كأَسفي على ذلك الكلام أَلاَّ يكون أميرالمؤمنين عليه السلام بلغ منه حيث أراد.
معنى الشقشقة وسبب التسمية :
« الشقشقة» بالكسر ، شيء كالرية يخرجه البعير من فيه إذا هاج و الخطبة الشقشقيّة سميت كذلك لانها متضمّنة لذكر الشقشقة حيث قال عليه السّلام لابن عباس: تلك شقشقة هدرت ثم قرت ، و ربّما تعرف بالمقمصة أيضا من حيث اشتمالها على لفظ التقمّص الوارد في أوّلها " لقد تقمصها فلان " ونظير ذلك الخطبة المعروفة بالطالوتية حيث تضمّنت قصة طالوت ، و الوسيلة لكونها متضمّنة لذكر الوسيلة و هو ايضا كالتّعبير عن السّور بأشهر ألفاظها كالبقرة و آل عمران و الرّحمن و الواقعة و غير ذلك .
( تقمصها ) لبسها كالقميص . والضمير يعود لــ " الخلافة " وفلان : ابو بكر .
( القطب من الرحى ) وهي الحديدة التي تدور فيها ، وقطب الشيء : مداره.
( ينحدر عني السيل ) تشبيها لنفسه بذروة الجبل المرتفع ، و لعلّ المراد بالسّيل المنحدر عنه عليه السّلام هو علومه وحكمه الواصلة إلى العباد و الفيوضات الجارية منه عليه السّلام على الموادّ القابلة، و تشبيه العلم بالماء و السّيل من ألطف التشيهات و وجه الشبه هو اشتراكهما فيكون أحدهما سبب حياة الجسم و الآخر سبب حياة الرّوح ، و قد ورد مثل ذلك التّشبيه في الكتاب العزيز قال تعالى : « قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مآؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتيكُمْ بِمآءٍ مَعينٍ »
( و لا يرقى إليّ الطّير ) فانّ عدم رقى الطير إلى مكان يكون فيه الانسان ممتنع عادة ، و لكنّه ممكن عقلا بالنّظر إلى مقامات الامام النّورانية ، و معجزاته الخارقة للعادة .
( و سدلت دونها ثوبا ) أرخاه ، يكنى عن الإعراض وغض النظر
( وطويت عنها كشحا ) الكشح : ما بين الخاصرة والجنب . و" طوى عنها كشحا " مال عنها وهو مثل .( طفقت ) : شرعت .
( اليد الجذاء ): المقطوعة ، فيقال : رحم جذاء ، اي لم توصل .
(الطخية ): الظلمة . ونسبة العمى اليها مجاز عقلي . وانما يعمى القائمون عليها .
( يكدح ): يسعى سعي المجهود .
( هاتا ): هذه .
( أحجى ): أجدر ، . واصله من الحجا وهو العقل فهو اقرب الى العقل
(القذى ) ما يقع في العين من تبنة و نحوها .
( شجا ) : ما يقع في الحلق من عظم و نحوه .
( كور الناقة ) : ما يوضع على ظهرها للركوب . ( شتان ما يومي على كورها * ويوم حيان اخي جابر )ومعنى البيت : ان فرقا بعيدا بين يومه في سفرهوهو على كور ناقته ، وبين يوم حيان في رفاهيته ، فان الأول كثير العناء شديد الشقاء والثاني وافر النعيم وافي الراحة
( يستقيلها في حياته ) : اشارة الى قول ابي بكر " اقيلوني اقيلوني فلست بخيركم " وايضا قال " وليتكم ولست بخيركم "
( لشدّ ما تشطرا ضرعيها ) معنى كلامه عليه السلام ان كلا من الأوّل و الثاني أخذ بالشدّة ضرعا من ضرعي الخلافة . فضمير التثنية في تشطرا ،يعود لأبي بكر و عمر ، و هاء ضرعيها للخلافة ، و شبهها الإمام بالناقة يقتسم منافعها الأول و الثاني ، لكل منهما ضرع يحتلبه
( حوزة خشناء ) : و الحوزة الطبيعة ، وخشناء اي غليظة . ويشير بها الى اخلاق عمر فانه كان معروف بغلظة الاخلاق .
( كلمها ) بضم الكاف : الأرض الغليظة .
( العثار ) بكسر العين : الزلل .
( الصعبة ) : الناقة الشديدةالتي يصعب قيادها
( اشنق الناقة ) : جذبها اليه بالزمام .
( خرم ) خرم أنف الناقة شقه .
( أسلس ) : اسلس للناقة أرخى لها الزمام
(تقحّم ) : هلك .
( فمني الناس لعمر اللّه بخبط و شماس ، و تلون و اعتراض ) . يقصد ان الناس ابتلوا بطبيعة عمر ، و هي خليط من الاضطراب ، و عنه عبّر الإمام بالخبط ، وخليط أيضا من الصرامة ، و اليها أشار بالشماس ، و من التبدل من حال الى حال ، و هوالمراد من التلون ، أما الاعتراض فالقصد منه عدم الاستقامة على حال .
و الخبط : السير بلا هدى . و الشماس: الامتناع . و التلون : التبدل . والاعتراض : السير بلا استقامة .
( لكنّي أسففت إذ أسفّوا )من أسفّ الطائر إذا طار دانيا من الأرض حتّى كادت رجلاه تصيبانها
( فصغى رجل منهم لضغنه، ومال الآخر لصهره مع هن وهن ). الضغن : الحقد، والذي مال عنه عليه السلام لحقده هو سعد بن أبي وقاص لقتل أخواله بيد علي عليه السلام في غزوة بدر وأحد، أو المقصود منه طلحة بن عبيدالله، وحقده على علي من أجل معارضته عليه السلام مع أبي بكر وشكواه عنه، وطلحة من رهط أبي بكرفيحقد على من هو حاقد عليه. والذي أصغى إلى صهره هو عبد الرحمن ابن عوف وامرأته كانت أختا لعثمان من أمه.
( و مال الآخر لصهره ) و المراد بالآخر عبد الرحمن بن عوف كما مرّ ،و بصهره عثمان لامّه .
( مع هن وهن ) المراد به الهوى والغرض ، أي أغراض أخرى لا يريد الإمام ذكرها ، و من حكمه : « لا تقل ما لا تعلم ،بل لا تقل كل ما تعلم » .
( إلى أن قام ثالث القوم نافجا حضنيه بين نثيله ومعتلفه ) و المراد بالقيام الحركة في تولي أمر الخلافة و ثالث القوم هو عثمان بن عفّان أثبت عليه السّلام له حالا يستلزم تشبيهه بالبعير و استعار له صفته بقوله : ( نافجا حضنيه ) أى نافجا جنبيه و رافعا ما بين إبطه و كشحه من كثرة الأكل و الشّرب كالبعير المنتفج الجنبين ( بين نثيله و معتلفه ) لم يكن همّه إلاّ الأكل و الرّجيع كالبهائم التي لااهتمام لها إلاّ بالأكل و الرّوث
( يخضمون ): الخضم الأكل بجميع الفم .
( الى ان انتكث فتله ، و اجهز عليه عمله ، و كبت به بطنته ) : انتكث فتله انتقض و هذه استعارة و أجهزعليه عمله تمم قتله و كبت به بطنته ، كبا الجواد إذا سقط لوجهه و البطنة الإسراف في الشبع
( فما راعني إلا و الناس حولي كعرف الضبع ينثالون عليّ من كل جانب ) : أي ما أفزعني شي ء كما أفزعني ازدحام الناس مثل عرف الضبع ، لأن عرف الضبع ــ ما كثرعلى عنقها من الشعر ، و هي حيوان مفترس ــ ثخين يضرب به المثل في الكثرة والازدحام ، إذ كان الناس ينثالون أي يتتابعون مزدحمين .
( وشق عطفاي ) : أي جانباي ، لشدة الاصطكاك و كثرة الازدحام شقوا قميصه و جانبي ردائه او خدش جانبيه لشدّة الاصطكاك منهم و الزّحام .
( ربيضة الغنم ) : القطعة الرابضة من الغنم . و ربضت الدابة : بركت .
( نكثت طائفة ومرقت اخرىوقسط اخرون ) :و نكث العهد : نقضه و لم يف به ،
و الناكثون :علم على أصحاب الجمل ، و هم عائشة و طلحة و الزبير .
و مرق من الدين : خرج منه ببدعة فهو مارق ،
و المارقون :علم على الخوارج أصحاب النهروان .
و قسط الوالي: جار أو عدل ،
و القاسطون بمعنى الفاسقين علم على أصحاب صفين الذين حاربوا الإمام ( ع ) بقيادة معاوية وعمرو بن العاص .
( راقهم زبرجها ) و راق الشراب :صفا ، و الزبرج بكسر الزاء الزينة .
( فلق الحبة ) : شقها .
( برأ النسمة ) :خلقها ، والنسمة هي الروح .
( حضور الحاضر ) :إمّا وجود منحضر للبيعة فما بعده كالتفسير له ، أو تحقّق البيعة على ما قيل ، أو حضوره سبحانه و علمه ، أو حضور الوقت الّذي وقّته الرّسول صلّى اللّه عليه و آله للقيام بالأمر.
( أن لا يقاروا ): ان لا يقروا ويسكتوا . و المراد بكظة الظالم اعتداؤه على حقوق الناس ، و يسغب المظلوم هضم حقوقه.
( الغارب ) : العنق أو أعلى الظهر مما يلي العنق .
( عفطة عنز ) : و يريد بعفطة العنز المخاط الذي تنثره منأنفها عند العطاس .
« الشقشقة» بالكسر ، شيء كالرية يخرجه البعير من فيه إذا هاج و الخطبة الشقشقيّة سميت كذلك لانها متضمّنة لذكر الشقشقة حيث قال عليه السّلام لابن عباس: تلك شقشقة هدرت ثم قرت ، و ربّما تعرف بالمقمصة أيضا من حيث اشتمالها على لفظ التقمّص الوارد في أوّلها " لقد تقمصها فلان " ونظير ذلك الخطبة المعروفة بالطالوتية حيث تضمّنت قصة طالوت ، و الوسيلة لكونها متضمّنة لذكر الوسيلة و هو ايضا كالتّعبير عن السّور بأشهر ألفاظها كالبقرة و آل عمران و الرّحمن و الواقعة و غير ذلك .
( تقمصها ) لبسها كالقميص . والضمير يعود لــ " الخلافة " وفلان : ابو بكر .
( القطب من الرحى ) وهي الحديدة التي تدور فيها ، وقطب الشيء : مداره.
( ينحدر عني السيل ) تشبيها لنفسه بذروة الجبل المرتفع ، و لعلّ المراد بالسّيل المنحدر عنه عليه السّلام هو علومه وحكمه الواصلة إلى العباد و الفيوضات الجارية منه عليه السّلام على الموادّ القابلة، و تشبيه العلم بالماء و السّيل من ألطف التشيهات و وجه الشبه هو اشتراكهما فيكون أحدهما سبب حياة الجسم و الآخر سبب حياة الرّوح ، و قد ورد مثل ذلك التّشبيه في الكتاب العزيز قال تعالى : « قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مآؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتيكُمْ بِمآءٍ مَعينٍ »
( و لا يرقى إليّ الطّير ) فانّ عدم رقى الطير إلى مكان يكون فيه الانسان ممتنع عادة ، و لكنّه ممكن عقلا بالنّظر إلى مقامات الامام النّورانية ، و معجزاته الخارقة للعادة .
( و سدلت دونها ثوبا ) أرخاه ، يكنى عن الإعراض وغض النظر
( وطويت عنها كشحا ) الكشح : ما بين الخاصرة والجنب . و" طوى عنها كشحا " مال عنها وهو مثل .( طفقت ) : شرعت .
( اليد الجذاء ): المقطوعة ، فيقال : رحم جذاء ، اي لم توصل .
(الطخية ): الظلمة . ونسبة العمى اليها مجاز عقلي . وانما يعمى القائمون عليها .
( يكدح ): يسعى سعي المجهود .
( هاتا ): هذه .
( أحجى ): أجدر ، . واصله من الحجا وهو العقل فهو اقرب الى العقل
(القذى ) ما يقع في العين من تبنة و نحوها .
( شجا ) : ما يقع في الحلق من عظم و نحوه .
( كور الناقة ) : ما يوضع على ظهرها للركوب . ( شتان ما يومي على كورها * ويوم حيان اخي جابر )ومعنى البيت : ان فرقا بعيدا بين يومه في سفرهوهو على كور ناقته ، وبين يوم حيان في رفاهيته ، فان الأول كثير العناء شديد الشقاء والثاني وافر النعيم وافي الراحة
( يستقيلها في حياته ) : اشارة الى قول ابي بكر " اقيلوني اقيلوني فلست بخيركم " وايضا قال " وليتكم ولست بخيركم "
( لشدّ ما تشطرا ضرعيها ) معنى كلامه عليه السلام ان كلا من الأوّل و الثاني أخذ بالشدّة ضرعا من ضرعي الخلافة . فضمير التثنية في تشطرا ،يعود لأبي بكر و عمر ، و هاء ضرعيها للخلافة ، و شبهها الإمام بالناقة يقتسم منافعها الأول و الثاني ، لكل منهما ضرع يحتلبه
( حوزة خشناء ) : و الحوزة الطبيعة ، وخشناء اي غليظة . ويشير بها الى اخلاق عمر فانه كان معروف بغلظة الاخلاق .
( كلمها ) بضم الكاف : الأرض الغليظة .
( العثار ) بكسر العين : الزلل .
( الصعبة ) : الناقة الشديدةالتي يصعب قيادها
( اشنق الناقة ) : جذبها اليه بالزمام .
( خرم ) خرم أنف الناقة شقه .
( أسلس ) : اسلس للناقة أرخى لها الزمام
(تقحّم ) : هلك .
( فمني الناس لعمر اللّه بخبط و شماس ، و تلون و اعتراض ) . يقصد ان الناس ابتلوا بطبيعة عمر ، و هي خليط من الاضطراب ، و عنه عبّر الإمام بالخبط ، وخليط أيضا من الصرامة ، و اليها أشار بالشماس ، و من التبدل من حال الى حال ، و هوالمراد من التلون ، أما الاعتراض فالقصد منه عدم الاستقامة على حال .
و الخبط : السير بلا هدى . و الشماس: الامتناع . و التلون : التبدل . والاعتراض : السير بلا استقامة .
( لكنّي أسففت إذ أسفّوا )من أسفّ الطائر إذا طار دانيا من الأرض حتّى كادت رجلاه تصيبانها
( فصغى رجل منهم لضغنه، ومال الآخر لصهره مع هن وهن ). الضغن : الحقد، والذي مال عنه عليه السلام لحقده هو سعد بن أبي وقاص لقتل أخواله بيد علي عليه السلام في غزوة بدر وأحد، أو المقصود منه طلحة بن عبيدالله، وحقده على علي من أجل معارضته عليه السلام مع أبي بكر وشكواه عنه، وطلحة من رهط أبي بكرفيحقد على من هو حاقد عليه. والذي أصغى إلى صهره هو عبد الرحمن ابن عوف وامرأته كانت أختا لعثمان من أمه.
( و مال الآخر لصهره ) و المراد بالآخر عبد الرحمن بن عوف كما مرّ ،و بصهره عثمان لامّه .
( مع هن وهن ) المراد به الهوى والغرض ، أي أغراض أخرى لا يريد الإمام ذكرها ، و من حكمه : « لا تقل ما لا تعلم ،بل لا تقل كل ما تعلم » .
( إلى أن قام ثالث القوم نافجا حضنيه بين نثيله ومعتلفه ) و المراد بالقيام الحركة في تولي أمر الخلافة و ثالث القوم هو عثمان بن عفّان أثبت عليه السّلام له حالا يستلزم تشبيهه بالبعير و استعار له صفته بقوله : ( نافجا حضنيه ) أى نافجا جنبيه و رافعا ما بين إبطه و كشحه من كثرة الأكل و الشّرب كالبعير المنتفج الجنبين ( بين نثيله و معتلفه ) لم يكن همّه إلاّ الأكل و الرّجيع كالبهائم التي لااهتمام لها إلاّ بالأكل و الرّوث
( يخضمون ): الخضم الأكل بجميع الفم .
( الى ان انتكث فتله ، و اجهز عليه عمله ، و كبت به بطنته ) : انتكث فتله انتقض و هذه استعارة و أجهزعليه عمله تمم قتله و كبت به بطنته ، كبا الجواد إذا سقط لوجهه و البطنة الإسراف في الشبع
( فما راعني إلا و الناس حولي كعرف الضبع ينثالون عليّ من كل جانب ) : أي ما أفزعني شي ء كما أفزعني ازدحام الناس مثل عرف الضبع ، لأن عرف الضبع ــ ما كثرعلى عنقها من الشعر ، و هي حيوان مفترس ــ ثخين يضرب به المثل في الكثرة والازدحام ، إذ كان الناس ينثالون أي يتتابعون مزدحمين .
( وشق عطفاي ) : أي جانباي ، لشدة الاصطكاك و كثرة الازدحام شقوا قميصه و جانبي ردائه او خدش جانبيه لشدّة الاصطكاك منهم و الزّحام .
( ربيضة الغنم ) : القطعة الرابضة من الغنم . و ربضت الدابة : بركت .
( نكثت طائفة ومرقت اخرىوقسط اخرون ) :و نكث العهد : نقضه و لم يف به ،
و الناكثون :علم على أصحاب الجمل ، و هم عائشة و طلحة و الزبير .
و مرق من الدين : خرج منه ببدعة فهو مارق ،
و المارقون :علم على الخوارج أصحاب النهروان .
و قسط الوالي: جار أو عدل ،
و القاسطون بمعنى الفاسقين علم على أصحاب صفين الذين حاربوا الإمام ( ع ) بقيادة معاوية وعمرو بن العاص .
( راقهم زبرجها ) و راق الشراب :صفا ، و الزبرج بكسر الزاء الزينة .
( فلق الحبة ) : شقها .
( برأ النسمة ) :خلقها ، والنسمة هي الروح .
( حضور الحاضر ) :إمّا وجود منحضر للبيعة فما بعده كالتفسير له ، أو تحقّق البيعة على ما قيل ، أو حضوره سبحانه و علمه ، أو حضور الوقت الّذي وقّته الرّسول صلّى اللّه عليه و آله للقيام بالأمر.
( أن لا يقاروا ): ان لا يقروا ويسكتوا . و المراد بكظة الظالم اعتداؤه على حقوق الناس ، و يسغب المظلوم هضم حقوقه.
( الغارب ) : العنق أو أعلى الظهر مما يلي العنق .
( عفطة عنز ) : و يريد بعفطة العنز المخاط الذي تنثره منأنفها عند العطاس .